إلى متى الصمت؟!
غزة تغرق في الدم كما غرقت ولا زالت تغرق في الظلام والظلم العالمي ، يُضرب عليها حصار خانق قاتل يفرضه العرب قبل الصهاينة بصمتهم ، يتناوب عليها الليل والنهار ما بين قصف وقتل ودماء وشهداء وأشلاء ودخان ودمار حتى أصبحت سيمفونية العذاب هذه جزءاً أصيلا من حياة أهل العزة في غزة ، بضربها يُستهدف الصمود والثبات الفلسطيني كما تـُستهدف المقاومة ووحدة الوطن الذي قسم عنوة وفصل شقاه تجبراً وغصباً برضىً عربي ٍ ودولي ٍ وتقبل بعض الأطراف التي توصف بالفلسطينية.
هجمة صهيونية عالمية شرسة توجه ضد المقاومة الفلسطينية وضد كل ما يحمل الجنسية الفلسطينية بشراً كان أم حجراً أم شجراً ، وحقدٌ تتفتق عنه أذهان الصهاينة فيهددون بمحرقةٍ تطال غزة بما فيها وكأنهم يريدون الانتقام لأنفسهم مما فعله هتلر بهم في ألمانيا ، يحاولون أن يتخيلوا بأن الفلسطينيين مجرد دمىً يتصرفون بها كما يحلو لهم ، ولكنهم لا يستطيعون إنكار ما فعله الفلسطيني الأعزل - إلا من إيمانه وشرفه- وكيف أثبت على مدى الأيام بأنه لن يلين ولن يستكين ، وأنه سيبقى كابوساً مزعجاً وهاجساً مخيفاً لهم .
وها هي الأيام تمضي يكبر معها الألم ويزداد الجرح الفلسطيني نزفاً وشلال الدماء يزداد تدفقاً بينما يزداد العرب غفلة وبذخاً وترفاً و تزداد معها قناعة الفلسطينيين بعدم جدية العرب في رفع الظلم المسجى حولهم ... فحينما لا يستطيع بترول العرب الذي يضيء العالم أن يضيء غزة التي لا تتجاوز 378 كم مربع ، وحينما تحاك الشائعات ويوظف الإعلام العربي المدفوع الأجر نفسه لتشويه صورة أهل القطاع وقادة القطاع لإغلاق الحدود التي فتحت بعدما وصل السيل الزبى، وحينما يـُشترط التراجع عن المقاومة التي كانت حامية المشروع الفلسطيني على مدى سني الاحتلال ليرفع الحصار المضروب حول غزة ، وحينما توجه حراب الفلسطينيين إلى صدور المقاومين لاسترضاء العدو ، وحينما يوضع الطفل والمرأة والمقاوم في خندق الاستهداف ، وحينما يصبح الصمت حالة طبيعية تسود العالمين العربي والإسلامي ، وحينما يردد لسان حال الفلسطينيين "قد أسمعت لو ناديت حيا - - - ولكن لا حياة لمن تنادي" فأي أمل سيعقدونه على العرب والمسلمين؟
يا أمة العرب إلى متى سيبقى الشجب والاستنكار طبيعتكم التي اعتدتموها وأدمنتموها حتى بتم بحاجة للعلاج من تلك الحالات التي تجتاحكم، لقد سئمنا الدموع والبكاء وسئمنا من هبات شعبية لا تلبث أن تخمدها أحداث حياتكم العامة التي لا يمثل الفلسطينيون جزءاً مهماً فيها ، أيها العرب لم لديكم جيوشٌ نظامية مدربة ومسلحة إن كنتم ستحتفظون بها في بترينات العرض؟ ألم يحن بعد الوقت الذي تنفض فيه هذه الجيوش الغبار عن أوسمتها ورتبها العسكرية وتتخذ مواقعها في الميدان؟ ألم يحن بعد وقت عملها الفعلي ؟
يا أمة المليار إلى متى الصمت... إلى متى سترعبنا سطوة الحكام ، إلى متى سنخشى من أزيز حروفنا ومداد أقلامنا، إلى متى سنمشي في مركز الحائط حتى ننال السلامة المزعومة، إلى متى ستستباح فلسطين بمقدساتها وأهلها وأرضها وسمائها وما من مغيث، إلى متى ستبقى الحرائر يحلمن ببعث المعتصم مرة أخرى ليثأر لشرف الأمة الذي دنسه الصهاينة بصمتكم، إلى متى سيحلم أطفالنا بأن يكونوا جنوداً في جيش صلاح الدين ليرفعوا راية التوحيد فوق مآذن الأقصى، أتراها متى ستدور رحى معركة التحرير على أرض فلسطين كما دارت من قبلها رحى أجنادين وعين جالوت ... يا أمتي إلى متى ستبقى أسئلتنا بلا إجابة ... إلى متى سيبقى الصمت إجابتكم الوحيدة، إلى متى ؟